Advertisement

من الأزمة إلى الفرصة: دليل الشركات الناشئة للتغلب على الأوقات الصعبة

Advertisement

 في وقت تشهد فيه الأوضاع الاقتصادية تقلبات مفاجئة وحادة، تصبح قدرة الشركات الناشئة على التعامل مع الأزمات المالية جزءًا أساسيًا من استراتيجيتها للبقاء، وهي التحدي الكبير الذي يجب عليها مواجهته.

والواقع أن الشركات الناشئة هي مشاريع ريادية تهدف إلى تحقيق تأثير في السوق أو المجتمع من خلال ابتكاراتها وحلولها.

guide-emerging-companies


ومع ذلك، تواجه الشركات الناشئة العديد من التحديات والمخاطر التي قد تعرقل تطورها ونجاحها، أو حتى تهدد وجودها في الأساس. ومن بين هذه التحديات، تظهر الأزمات المالية كنتيجة لنقص التمويل، أو ضعف المبيعات، أو تغيرات السوق، أو وقوع كوارث طبيعية أو صناعية أو سياسية. وتتطلب الأزمات المالية تدخلات عاجلة وفعّالة لضمان بقاء الشركة وتجنب الإفلاس أو الإغلاق.

تحتاج الأزمات المالية إلى الكثير من الخبرة والكفاءة للتعامل معها والتغلب عليها، لذلك يجب على الشركات الناشئة أن تمتلك خطة طوارئ تجارية تساعد في التخطيط، والاستعداد، والقيام بالتصرف السريع والحكيم عندما تحدث أي أزمة مالية.

ما هي خطة الأعمال الطارئة؟

خطة الطوارئ للأعمال هي مستند يحدد الخطوات والإجراءات والموارد التي ستتبعها الشركة في حالة وقوع أي أزمة مالية. وتهدف هذه الخطة إلى:

تحديد المشكلات والمخاطر المحتملة التي قد تواجه الشركة وتؤدي إلى أزمة مالية.
تحديد الأهداف والأولويات والمؤشرات الرئيسية لقياس أداء الشركة ومدى تأثير الأزمة عليها.
تحديد أعضاء الفريق والمسؤوليات والأدوار والمهام التي سيتولاها كل فرد في الشركة لمواجهة الأزمة.
تحديد الموارد والأدوات والشركاء والأطراف المعنية التي ستسهم في مساعدة الشركة على التعافي من الأزمة.
- وضع الخطط والاستراتيجيات والإجراءات التي ستعتمدها الشركة لتقليل الخسائر والتكاليف والمخاطر، وتحقيق زيادة في الإيرادات والفرص والقيمة.
تحديد الأساليب والقنوات والوسائل التي ستعتمدها الشركة للتواصل والتعاون والتنسيق مع العملاء، والموظفين، والمستثمرين، والموردين، والجهات الرقابية والإعلامية والمجتمعية.

من الطبيعي أن تواجه هذه الشركات تحديات مثل نقص التمويل، فشل في العمليات البنكية، أو ركود اقتصادي أوسع نطاقاً، ولكن تكمن المشكلة في أن عواقب مثل هذه الأزمات قد تكون خطيرة، وقد تصل إلى حد الإفلاس.

وفقا لما نقله موقع "توبتال - toptal" عن الخبير المتخصص في شؤون الشركات الناشئة، جيف أنابولسكي، هناك خطر كبير إذا لم تكن هناك خبرة كافية في إدارة الأزمات، لأن الفشل في الرد بشكل صحيح يمكن أن يحول الأزمة إلى كارثة. بالإضافة إلى ذلك، فإن الشراكة مع فريق مالي محترف تعتبر خطوة حاسمة في تحديد أسباب المشكلة ووضع الحلول المناسبة.

خطة أعمال طارئة للخروج من الأزمات

سنقدم فيما يلي بعض الحلول المقترحة ضمن خطة الاستجابة الطارئة التي يجب إعدادها لضمان تفادي الشركات الناشئة لأي أزمات محتملة قد تواجهها:

دراسة الوضع المالي بشكل شامل:
يجب على الشركات أن تحلل الوضع المالي بشكل شامل، وتتضمن هذه المناطق المالية الإيرادات والمصروفات وتحليل الأرباح والخسائر.

 2. خطة الطوارئ المالية: 
من المهم أن تضع الشركات خططاً لمواجهة الأزمات المتوقعة مستقبلاً. ينبغي أن تشمل هذه الخطة سيناريوهات متنوعة واستراتيجيات للـتغلب عليها.

 3. خفض النفقات: 
يعتبر خفض النفقات غير الضرورية بشكل فوري جزءًا أساسيًا من أي خطة طارئة. يجب التحول إلى الحلول التكنولوجية عند الإمكان لتقليل التكاليف.

من الأمثلة البارزة على التعمق الكبير للشركة الأمريكية العملاقة "أبل" في أزمتها وتجاوزها الناجح للصعاب، ما ذكره "أنابولسكي" في حديثه. حيث تحدث عن قدرة الشركة على تخطي الأزمة من خلال ابتكار منتجات جديدة مثل أجهزة الآيبود والآيفون، التي انتشرت بشكل واسع في جميع أنحاء العالم لاحقًا.

اعتماد نهج استباقي

للخروج من تداعيات الأزمات المالية، يتطلب الأمر تبني استراتيجيات مالية حكيمة وخطوات عملية محسوبة، وقد يشمل ذلك أحيانًا إعادة تنظيم الشركة من جذورها. ولذلك يُنصح في هذه الحالات باتباع نهج استباقي، حيث تقوم الشركة بتحديد نقاط ضعفها وتقويتها قبل وقوع الأزمة، مما يوفر دفاعًا قويًا في وجه التحديات الاقتصادية المحتملة.

وفي السياق ذاته، أكدت مريم كالدول من "ذا بالنس موني" على أهمية تحليل الوضع المالي والتخطيط للمستقبل. وأشارت إلى أن الحقيقة الأساسية هي أن استمرارية الشركة في السوق تعتمد على قدرتها على التنبؤ بالأزمات ورسم استراتيجيات دفاعية متقدمة لمواجهة أسوأ السيناريوهات المحتملة.

وأضافت أنه لا يمكن لأي شركة أن تتغافل عن مفهوم التحضير المسبق للأزمات، ويتعين عليها استغلال كل فرصة لتحسين الكفاءة المالية والتشغيلية، مع الاستثمار في التكنولوجيا التي تعزز الإنتاجية وتخفض التكاليف.

استراتيجيات تكميلية

وأشار الخبراء إلى أهمية اتباع استراتيجيات فعّالة تساعد في وضع خطة طوارئ يمكن أن تكون مفيدة لرواد الأعمال وأصحاب المشاريع الصغيرة أو الناشئة في التعامل مع أي أزمات مفاجئة.

نسلط الضوء فيما يلي على أبرز هذه الاستراتيجيات التي يمكن اعتمادها:

بناء قوة المرونة المالية

يجب على مؤسسي الشركات الناشئة أن يستوعبوا أهمية المرونة المالية التي تمكنهم من التأقلم بسرعة مع التغيرات الجوهرية في البيئة الاقتصادية. يمكنهم بناء احتياطي نقدي، وتنويع مصادر دخلهم، وإعادة تقييم استراتيجيات الاستثمار باعتبارها أساسيات لمواجهة الأزمات.

تسريع عملية اتخاذ القرار

في أوقات الأزمات، يصبح اتخاذ القرارات بسرعة أمرًا حيويًا، لذا يجب على الشركة تطوير أنظمة تتيح جمع البيانات بسرعة، وتحليلها، والاستجابة لها بشكل فعال. ويمكن لاستخدام أدوات التحليل البياني والذكاء الاصطناعي أن يعزز من قدرة الشركة على اتخاذ قرارات استراتيجية بسرعة.

مراجعة الأهداف وتعديل الاستراتيجيات

قد تستدعي الأزمات إعادة تقييم الأهداف بعيدة المدى وتعديل استراتيجيات الشركة، مع مراعاة أن مراجعة الخطط تمكن من التأكد بأن أهداف الشركة ما زالت واقعية وتعكس الظروف الحالية بدقة.

تحسين العمليات والإنتاجية

فحص العمليات الداخلية وتركيز الجهود على تحسين الكفاءة والإنتاجية قد يساهم في خفض التكاليف. ويمكن للأتمتة والبرمجيات المساعدة أن تقلص الحاجة إلى المهام الروتينية المتكررة، وهو ما يتيح توفير الوقت للتركيز على الجوانب الأكثر قيمة في العمل.

استحداث نماذج أعمال بديلة

قد تجد الشركات الناشئة نفسها في مفترق طرق بسبب نماذج أعمالها الحالية، لذا يمكن أن يسهم النظر في نماذج أعمال بديلة في خلق مصادر دخل جديدة وتحسين قدرة الشركات على التكيف مع الضغوط المالية.

إدارة المخاطر وإعادة تقييم السوق

تحليل المخاطر وإعادة تقييم السوق للشركة بشكل دوري يعتبران عناصر أساسية تساعد في تجنب الأزمات المستقبلية. كما يمكن للأدوات المتقدمة في التنبؤ والتحليل أن تسهم في رصد التغيرات في الطلب وتفضيلات العملاء، بالإضافة إلى مراقبة الاتجاهات الاقتصادية بشكل عام.

استثمار في القيادة وتطوير المهارات

تطوير مهارات القيادة داخل الشركة وتشجيع ثقافة العمل الجماعي والابتكار من الجوانب الأساسية التي تسهم في تحقيق النجاح أثناء إدارة الأزمات. تُعتبر ورش العمل والدورات التدريبية أدوات فعالة لتعزيز كفاءة الفريق وإعداده لمواجهة التحديات المعقدة عند حدوثها في أي وقت.

إعادة النظر في العلاقات مع الشركاء والمستثمرين.

تتطلب الشراكات الاستراتيجية والعلاقات مع المستثمرين مراجعات دورية لضمان الفوائد المشتركة. أما في وقت الأزمات، فيستلزم الأمر إعادة النظر في هذه العلاقات والبحث عن فرص تعاون جديدة قد تظهر في ظروف غير تقليدية.

الاستفادة من الاستشارات الخارجية

لا تتوانى عن طلب النصيحة من مصادر خارجية، فمن المؤكد أن هناك مستشارين متخصصين وذوي خبرة في إدارة الأزمات المالية، يمتلكون القدرة على تقديم رؤية عميقة وحلول إبداعية للتحديات التي تواجهها أي شركة ناشئة.

تعزيز ولاء العملاء

ينبغي على الشركات أن تدرك أهمية ولاء العملاء في أوقات الأزمات. تبرز هنا ضرورة بناء علاقات متينة مع العملاء، لأنها يمكن أن تسهم في الحفاظ على الإيرادات وزيادتها عبر التوصيات وولاء العملاء.

استمرارية العمليات وإعادة التنظيم المالي

للخروج من الأزمات المؤسسية يجب ضمان استمرار العمليات الأساسية بكفاءة عالية، وقد يتطلب ذلك إعادة جدولة الديون أو البحث عن مصادر تمويل جديدة مثل الاستثمارات الجريئة أو التحالفات التجارية الاستراتيجية.

الابتكار والتكيف

المرونة في نموذج العمل والقدرة على الابتكار هما عمليتان حيويتان للشركات التي تطمح لتجاوز الأزمات. فعادة ما تُظهر الشركات القوية في مواجهة الأزمات قدرتها على التخطيط لتغيير اتجاهها وتقديم منتجات وخدمات جديدة تتماشى مع احتياجات السوق المتغيرة.

التواصل مع الموردين والعملاء

من الضروري إبقاء قنوات التواصل مع الموردين والعملاء مفتوحة وفعّالة. إضافة إلى أن الوضوح في التعامل مع الشركاء يزيد الثقة ويسهل التعاون لإيجاد حلول مرنة تهدف إلى خفض التكاليف وضمان استمرارية سلسلة التوريد.

التأكيد على البيع وزيادة الإيرادات

بالإضافة إلى تقليل النفقات، ينبغي على الشركات أيضًا التركيز على زيادة الإيرادات من خلال تعزيز مبيعات الخدمات أو المنتجات الحالية، وكذلك البحث عن قنوات توزيع جديدة مع التركيز على إيجاد استراتيجيات التسويق الرقمي والمبيعات التي يمكن أن تقدم بدورها دفعة كبيرة للإيرادات.

خطة الاستدامة المالية

ينبغي إعداد خطة منظمة لضمان الاستدامة المالية على المدى الطويل، مع تضمين خطط للنمو والتوسع المدروس. بالإضافة إلى ذلك، يجب على الشركات أن تخطط بعناية للخطوات المقبلة وأن تُجري تقييمًا دوريًّا للمخاطر وفرص التطوير.

مع الالتزام بهذه التوجيهات والنصائح، تستطيع الشركات الناشئة وضع آليات سريعة وفعالة لتجاوز الأزمات، والسعي نحو مستقبل مالي قوي ومستقر، بشرط أن يتم ذلك بجدية وتركيز.

يمكن لمالكي الأعمال الصغيرة أن يدركوا أن هذه الأساليب توفر إطارًا عمليًا يمكن للشركات الناشئة اتباعه لتجاوز مراحل الأزمات. ومع كل هذه الخطوات، يجب على الشركات ألا تتجاهل استثمار الوقت والموارد في تنمية مهارات فريق العمل وزيادة كفاءتهم، لضمان وجود قاعدة ثابتة تمكنهم من التعامل بفعالية مع التحديات الجديدة.

أكد الخبراء في النهاية على أهمية وجود ثقافة مرتبطة ببيئة العمل تشجع على التعلم من الأخطاء، واستغلال كل تحدي وتحويله إلى فرصة حقيقية لتحقيق نمو أقوى. ويجب أن نأخذ بعين الاعتبار أن مواجهة الأزمات تتطلب قيادة حكيمة، رؤية واضحة وعزيمة قوية لمواجهة العقبات.